معسكر المطلقات

ابتسمت بسخرية للفكرة ولكنى انجذبت...وذهبت ، بعد أن حرصت على جمع افضل الثياب الرياضية وثوبى سهرة إذعاناً لفكرة: "ربما. "
لم انم الليلة السابقة للسفر للمعسكر الذى اقيم باحدى الشواطىء المهجورة لمرسى مطروح...فقد كان على تنعيم الساقين والذراعين وتنقية الوجه...بل وتصلب ظهرى من طول وقفتى امام مرآة الحمام حيث حرصت على تغطية كل شعرة بيضاء ظهرت رغم سواد شعرى الفاحم...كنت اعرف اننى جميلة وتشوبنى بعض العيوب ، مثل ردفان عظيمين والنمش الذى غطى وجنتاى.

لا اعلم لما تحمست ووافقت على الذهاب...خاصة وانا المتنمرة التى لا اكاد اطيق معاشرة الغرباء ولا ضوضاء وثرثرة النساء...

استقللت سيارتى ومشيت وراء اسطول السيارات الذى اتجه معى نحو المعسكر بعد فجر احد ايام الربيع العجيب الذى شهدته الاراضى المصرية...فقد كان ربيع ذو مناخ بارد يتحول الى حار جداً او بارد جدا بسرعة وتناوب غريبين.

طالت الرحلة وتعبتنى القيادة خصوصا مع حرص السيدات الفاضلات على الالتزام بسرعة 100 كم/س...كانت سرعة خانقة بالنسبة الي...فانا اريد ان تنتهى المسافة...ان تخلص...ان تسرع ونصل باقرب وقت.. لا اعلم لما انا دائماً فى حالة ملل من الانتظار واستعجال للنتائج...ربما بسبب شعورى القوى ان عمرى لن يسع التباطؤ والتاجيل...ان ما لى ليس لى فعلا ويجب التمسك بكل ما اتيح سريعا...

طالت الرحلة ولكن حقيقة ان المسافة تتناقص اصبحت مفرحة حين اشارت اولى السيارات المتقدمة عن السرب والقائدة له ان يتخذن كلهن يمين الطريق ايذانا بوصولهم سالمين.

لم يكن فندق فاخر كما اعتدت...بل لم يكن فندق اطلاقاً...كان اشبه بمعسكرات الكشافة حيث الاكواخ والبحر وبعض الادوات الاساسية للمعيشة...اشمئززت داخلى ولكنى لم اشتكى...انا اتحمل!!!

استقر الجميع واعلنت السيدة المرموقة صاحبة فكرة المعسكر ان عليهن الاجتماع تحت المظلة الكبيرة المطلة على البحر...فرحت كالطفل...حيث ان البحر الراقى دائماً والجميل يسبب لى سعادة تلقائية بمجرد رؤيته واشتمام نسيمه...

كنت اول السيدات الخمسة عشر اتخاذا لمقعدى...مقعد استراتيجى يتيح لى رؤية البحر اكثر من رؤية زميلاتى بالمعسكر...

بدأت السيدة المرموقة الكلام بصوت رخيم يليق بمذيعة للراديو...كانت سيدة ذو وجه طيب وعينان نفاذتان تنمان عن شخصية ذكية ورصينة :
- سيداتى الجميلات...المستقلات...الراقيات...اللاتى ادت الظروف اياً كان نوعها ان يكن مطلقات...برحب بيكم فى المعسكر الرابع للمطلقات .
الحقيقة انا كنت خايفة ان لفظة "مطلقات" تزعج صديقاتى الحضور بس حبيت يكون ده استهلال مرحلة تقبل للفظ والمعنى بدون اى استياء او خجل...لان آن الأوان نعلم المجتمع يبطل يشتمنا بكلمة هى مجرد وصف للحالة الجتماعية ودلالة على الخبرة العائلية السابقة ليس الا...
ها ها ها لأ مفيش لزوم للتصفيق...مفيش مرشحين هنا ولا انتخابات...هاهاها
المهم...احب باختصار أشرح الهدف من رحلتنا ومعسكرنا ده...الحقيقة...تبادل الخبرات والصراحة ومواجهة النفس اول درجات قبول الحياة وواقع ان الطلاق مش عار...والاحساس بالعار من حق مشروع وحلال هو سبب اذماتنا النفسية داخل مجتمع محسسنا بغربة وبيمارس ضدنا عنصرية مقنعة من ادنى ما يمكن..بالرغم من انه حق شرعى كفله ربنا للازواج من النوعين.
انا مش حطول عليكم...خلال الاسبوعين...حنفهم كتير وحنحس كتير وحنتكلم اكتر...عشان يبقى اصلاح المفاهيم الخاطئة لازم يبتدى من عندنا الاول.
ودلوقتى...نتعرف على بعض وبالدور بقى نعرف نفسنا ، اسم ووظيفة وعدد اولاد ومن امتى مطلقين والسبب لو تحبوا.
اتفضلى مدام رانيا...

ووقفت المدعوة رانيا والتى - بتقديرى - لم تتجاوز الخامسة والعشرين...فتاة انيقة ذات قوام جميل يدل مظهرها على الثراء الا ان رعشة يديها تدل على عطب داخلى كبير.

- انا رانيا الكومى...عندى 26 سنة...عندى ولد عنده سنة وحاتجنن انى سايباه مع مامتى بس الدكتور نصحنى بالمعسكر ده (وضحكت ضحكة عصبية ) بقالى 4 شهور مطلقة...واطلقت لانه...لانه عنيف.
واطرقت...بخجل وانكسار...وجلست سريعاً وكأنها خائفة ان يسألها احدنا اى سؤال آخر...قلت فى تفسى "اما ابن كلب حيوان صحيح. "

ووقفت من تلتها وهى سيدة اكبر سنا تجاوزت الاربعين ذات شعر احمر نارى واحمر شفاه نارى وحقيبة استقرت بجانبها كبيرة جداً حمراء هى الأخرى...اتعجب لماذا يقفن...لسنا فى مدرسة على أى حال...

-انا مدام جى جى (وكانها تحذر اى احد ان يرفع الكلفة معها) ...مش حقول سنى عشان كده مش كويس هاهاهاهاهاهاها...عندى ولدين الاتنين بيدرسوا فى امريكا...اطلقت من سنة بعد ما طلع عينى...بخيل ونتن وبيبص برة...ويا ريت كده وبس كنت سكت واستحملت عشان برستيجى الاجتماعى...انما كمان رفض يغيرلى المرسيدس...انا مش فاهمة...قلت له ميت مرة لازم يكون فيها فتحة سقف ولونها احمر....قرفت...سيبته.

نظرت حولى لارى هل تقيأ أحد وسبقنى ام انا الوحيدة التى تقززت من هذه السيدة واشفقت على زوجها.

لم اتنبه ان التالى كان دورى الا عندما نبهتنى صديقتى ليلى الجالسة بجانبى...تلعثمت وشعرت بصوتى يكاد لا ينطق...ولكنى بدأت وانا اكاد لا ارى اى احد تفصيلا بل مجرد خيال جالسين فقلت:

- انا نور...عندى 36 سنة...وعندى ولد وبنتين...وانا...انا...

ومادت الارض بى...فقد ادركت لحظتها ما انا به...وكيف كنت طيلة السنة الماضية...ومن انا...كم انا مدعية حالمة غبية...كم انا جبانة وواهمة وغير منطقية...كم انا خائفة وان معنى وجودى هنا قد استقر بقلبى كحقيقة واقعة لا محالة منذ اشهر طويلة...ولكنه تمسكى بالوهم والحلم معاً...وهروبى من الم حارق غداً...ورفضى لان اكون ما يجب ان اكون...

- انا...متجوزة!!!

تعليقات

‏قال Ahmed Fayez


فكرة المعسكر كويسة. صحية.
فكرة تلقيب المطلقات و وصمهم فكرة مهمة.
النهاية مش واضحة (بالنسبالي) لكن آخر جملة (أنا متجوزة) صادمة بشكل جميل.
(شوية أخطاء نحوية)

ننتظر المزيد.

‏قال هيّ
بفكر بجدية آخد دروس نحو...

(زوجة تشعر ان الطلاق حادث بداخلها لدرجة الانضمام لمعسكر خاص بالمطلقات من غير ما تسمح لمخها بادراك دهالا لحظة الافصاح امام الناس عن حالتها الاجتماعية...منتهى الانكار!!)

الف شكر على على التعليق.
‏قال Unknown
حلو فكرة ال

Group Therapy

ده، لحظة الإفصاح قدام مجموعة فعلا بتبقى مختلفة كتير، ده طبعا بعيد عن تأثير الجملة الصدمة.

إلى الأمام دائما :)
‏قال Unknown
أنا اللي فهمته انو عندها حالة طلاق نفسي مش هيك؟

بس انا ضليت مقتنعه لاخر لحظه انها مطلقه
‏قال هيّ
أى نعم يا جوهرى...
:)


مياسى...وحشتينى :)
هيك :)
‏قال insomniac
enty 3arfa eny sa2ta 3araby aslan, so i will comment in eglish or at least English letters

I LOVE LOVE LOVE this one, LOVE IT!

i love how you described that she gets easily bored and restless, i related obviously

but I LOVED the twist... it was real, raw and most importantly, i didn't see it coming

*hugs*
‏قال Ahmed Fayez


الكتابة باللغة العربية الفصحى لا تكتمل بدون معرفة قواعد النحو.
ممكن تستعيني بكتب النحو و تعرفي الأساسيات. مش لازم التعمّق قوي في النحو لأن بحره واسع.

كدة فهمت معنى نهاية القصة. هي متجوزة لكن كأنها متطلقة.
المشاكل الاجتماعية اللي جزء الشعور الإنساني داخل فيها بقوة بتكون مؤثرة جداً. فكرة إن شخصين ارتبطوا و بعدين تباعدوا روحياً أو انفصلوا فكرة مؤلمة و حزينة مابحبش حتى أفكر فيها.

‏قال Ehab
عارفه اني اجمد حاجه عندك دايما المفاجأه
مهما بدأتي القصه باسلوب ينم عن انها هتبقى هاديه وبسيطه او اجتماعيه ممله
او او او الا ان النهايه بتبقى مفرقعه

اولا انا مش هتكلم عن الحالتين اللي قبلها في الكلام لأنهم حكوا كل حاجه في كلمتين الأولانيه بنت من عيله جميله وحلوه وبنت ناس وبتخلف كمان اهي يعني مفيهاش غلطه وده يدلك ان اكيد كانت شخصيتها قويه ومش متعقده من حاجه خالص وم ذلك دلوقتي بتترعش ومتلخبطه وانهارت للدرجه دي يبقى هو عمل فيها ايه
انها تلخص كل اللي عمله في كلمة عنيف دي لوحدها قصه
اولا لأن معنى الكلمه ممكن يترواح بين اكتر من نوع في العنف
عنف في ردوده
عنف في استخدام الضرب في التعامل
عنف جنسي
وغيره كتير
ثانيا انها وهي بعيد عنه كل البعد ده بدل ما تشتمه او تقول اللي عمله فيها لخصت الموضوع انه يعني مجرد عنف وكأنها خايفه تقول هو ابن كلب حمار زي ما البطله نفسها قالت

الست التانيه يا ترى هي فعلا سابته علشان العربيه زي ما بتقول وكان عندها استعداد تتحمل بصبصته وقرفه وكل بلاويه انما العربيه الحمرا متقدرش تتنازل عنها
سعات في ناس بتقرر متبقاش ضحيه والناس تبصلها على انها ست مفتريه وطماعه احسن ما تبقى جوزها رماها زي الكلبه بعد ما لاف على بنت صغيره شويه
تفتكر انهي احسن انها تتخانق قدام العيله على العربيه ولا تقول قدامهم انه مبقاش بيبصلها كزوجه وست وبقى بيدور بره على اللي هو عايزه


نيجي بقى لتحفة القصه البطله وردها
اولا في احتمالين للنهايه دي انها متجوزه ونفسها تتطلق وده الأقرب وانا اعتقد انك تقصديه وهو بصراحه تحفه فكرة انها تخرج في معسكر للمطلقات لأنها بتحلم تبقى زيهم ومش قادره
انك متقدرش تكون في وضع معين بغض النظر عن الظروف ايه الخوف
اصعب شيء في الدنيا هو الخوف

واما انها منفصله عن جوزها لكنه رافض يطلقها وسايبها لا هي متطلقه ولا هي متجوزه وده بيحصل كتير قوي

وانا بكره الراجل اللي بيلعب بالنقطه دي انه يتركه معلقه كده وده اكيد حرام شرعا والله اعلم

البوست جميل قوي يا رشا

ربنا يسعد ايامك وينجيكي من كل شر يارب

تحياتي ليكي
وسلامي لوالدتك

سلااااااااااااااااااااام
اخوكي ايهاب
‏قال هيّ
HUGS HUGS HUGS*
I, as you can see, am sa2ta english and arabic as well..
Inso my dearest...i'm always flattered that you find my stories good...you lift up my spirit in a way :)
thanks my dear.
‏قال هيّ
فائز ،
ومين يحب...اوافقك الراى تماما فى الموضوعين...اجادة اللغة والإنفصال!
شكراً جزيلاً للمتابعة :)



ايهاب ،
الاحتمال الاول مع اضافة تناقضات واحاسيس وتعقيدات كبيرة هى الأقرب لتصورى :)

الله يسلمك...تحياتى للمدام :) وشكراً جزيلاً على القراءة والتعليق اللى دايماً مميز.
قصة راائعة اختي و ردود اروع

سلمت يداكي
‏قال هيّ
زوزو...جزيل الشكر لقراءتك وتعليقك :)
‏قال غير معرف…
انتى كل مدونتك فظيعة انا قريتها كلها عندك اسلوب جميل اوى وخصوصا النهاية دايما بتبقى بانسبالى صدمة مضحكة

عبدالرحمن
‏قال هيّ
عبد الرحمن ، شكراً جزيلاً للقراءة والتعليق :)

المشاركات الشائعة