آى لاينر

تسمع صوت صياح الديك...تفتح عينيها المتعبتان...وتقول:
- حد لسه بيربى فراخ فى الزمن ده!
تقولها يومياً...تقولها دون تفكير ودون ان تعى أنها تقولها يومياً...فهى تفعل كل شىء بذات الترتيب وذات الطريقة يومياً...

تفتح عينيها المتعبتان وتُعَلِق على صياح الديك وتُلقى بالغطاء بعيداً عن جسدها وتعتدل لتنام على ظهرها...مستلقية بلا حراك لبضع دقائق...تنظر الى سقف الغرفة حيث المروحة التى تلف مصدرة أزيزاً يفوق صوت الديك إزعاجاً...وتظل محدقة بالسقف ذو الطلاء الجيرى الازرق الباهت...والمروحة ذات الأزيز...وناموسة إمتلأت شبعاً فإستقرت بإحد أركان الحائط ونامت بعمق...

ثم تقرر أن تقوم...تجلس على جانب السرير ساندة ذراعيها على حافته إستعداداً لنهوض يبدو وكأنه إستعداد متسابق لعدوٍ سريع ينتظر تشجيع الجمهور...ثم تدفع جسدها الى الوقوف...ثم تفتح باب الغرفة الصغيرة...تتجه الى المطبخ حيث تكون أمها دائماً فى هذا الوقت من الصباح...تُقبلها فى كتفها من الخلف قبلة حلت محل "صباح الخير" منذ زمن...فقد كانت تستصعب النطق صباحاً...فقط كان الديك له نصيب من لفظها...

وتعود الى الغرفة لتأخذ مستلزمات الخروج...حقيبة صغيرة برتقالية بها أدوات الزينة...فوطة وملابس...مشط وفرشاه وسيشوراً بمستلزماته...وتتجه الى الحمام...حيث تضع ما بيديها فوق غسالة يأكل أسفلها الصدأ...وتأخذ عود ثقاب لتفتح سخاناً يعمل بالغاز...وتضع غطاء رأسٍ بلاستيكى يحمى شعرها من البلل...فقد كان ملتفاً حول رأسها ومثبتاً بالعديد من دبابيس الشعر...
وتنتهى من الحمام...وتجفف جسدها وتلبس قميصاً داخلياً...وتفتح نافذة صغيرة بأعلى الحمام حتى تطرد البخار وتبرد الجو...ثم تنظر الى وجهها بالمرآة...فترى بقاياً الكحل وقد سال حتى غطى نصف وجنتيها فتُغطى وجهها بكريماً رخيصاً ولزجاً وثقيلاً ذو رائحة نفاذة...ثم تأخذ قطعة من القطن الطبى وتمسح وجهها ليلمع من أثر الكريم وينظف من أثر الكحل السائل...ثم تغطى وجهها بطبقة من كريم الأساس تختلف كثيراً عن لون بشرتها الأسمر...ثم تنثر البودرة فوق كل وجهها حتى جفنيها وشفتاها...
ثم تمسك الآى لاينر الأسود اللامع...تمسكه بيد فنان...بيد فنان ماهر دقيق...وترسم حدوداً لعينٍ فرعونية...ليست عينها الصغيرة...ليست دائرية وليست رفيعة الجفن...ترسم وكانها ترسم لوحه لعين سيدة من خيالها...وتتقن الرسم...فتسحب الفرشاة الى أبعد حدٍ ممكن مقبول ليقابل طرف الحاجب...وتُدنى الفرشاة الى ابعد نقطة بركن العين...تجىء وتذهب مؤكدة السواد والرسم ومُظهرة للون العين...
وتُكمل الرسم بباقى الوجه بلا إهتمام فكأنما كانت العين هى الشخصية الرئيسية لدور مسرحى اوبرالىٍ تلعبه...
وتنزع غطاء الرأس...وتنزع ما أمسك شعرها بمكانه...وتُسدل سواده المفرود كالمسطرة...وتعيد عليه بالفرشاة والسيشوار...وتلف الفرشاة حول خصلات احاطت وجهها النحيل حتى يكون اكثر ايهاماً بالإمتلاء...
وتضع أحمر شفاه يبرز حدة شفتيها الرفيعتان...وتبتسم لترى إن تلطخت أسنانها بشىء من أحمر الشفاه...
وتذهب الى غرفتها...فترتدى زي العمل...شراباً طويلاً شفافاً باللون الأسود...تنورة قصيرة ضيقة سوداء ذات فتحة من الخلف...قميصاً لامعاً أزرق وفيونكة سوداء تلف الرقبة.
وتنظر الى جسدها بالمرآة...رفيعاً جداً كما هو مطلوب...ملابسها قصيرة جداً كما هو مطلوب...حذائها ذو الكعب العالى جداً المطلوب...
وتنزل من بيتها غير عابئة بنظرات الإستنكار التى تلاحقها...فقد إعتادتها...كما إعتادت نظرات التفحص والشهوة من زبائن الفندق...وإعتادت الهواء البارد الذى يلفح ساقيها شتاءً...وإعتادت تقلص ساقيها من طول الوقوف بالكعب العالى لخدمة مرتادى كافيتريا الفندق...وإعتادت انها عندما تقدم المشروبات على المناضد المنخفضة قد يُرى من فخذيها ما لا تود أن يُرى...لكنها إعتادت...وفقدت الحس...فقدت الإهتمام...فقدت الرغبة فى تبين نوع النظرات وتبين مشاعرها نحوها...
ولم تكن تبتسم للزبائن بالقدر الكافى...كانت مستقيمة المشية والنظرة والأداء...تعلم أنه يمكن أن تحقق الكثير إن إبتسمت...لكنها لم تكن لتبتسم...فقط لأنها تستيقظ كل يوم على صوت الديك...فقط لأن جيرانها ما زالوا يربون الدجاج...فقط لأن الناموسة الشبعانة تنام بأحد أركان الحائط...فقط لأن غرفتها صغيرة وأمها تسكن المطبخ صباحاً...فقط لأنها تلف شعرها بالعديد من دبابيس الشعر...فقط لانها فنانة آى لاينر...فقط لأنها ترتدى شراباً شفافاً طويلاً لتبرز سيقانها الرفيعة...لأن عينيها المرسومتان ليستا عينيها...ولأن ساقاها تؤلمانها من طول الوقوف لخدمة الزبائن...فقط...فقط لأنها لم تعد تهتم...


تعليقات

‏قال Unknown
فقط لأنها لم تعد تهتم...
‏قال Unknown
ما عادش فاضل شيء مهم
‏قال Ehab
وانا ايش اكون وسط العيون
حبة رموش متنطورين
على عين حزينه مدمعه
من سهرة امبارح بفكر في الحياه
دمعه غبيه ومزعجه
نزلت على خدي النحيف
سحبت معاها خيط تخين
اسود سخيف
من كحل عيني ومسكره
يلعن ابوكم كلكم
واقفين كده ومتنحين
عيونكم الوقحه الكبيره مبرقين
عيونكوا فيها سنان كبار
عماله تنهش في اللي بان
من تحت تنورة رخيصه قصيره
وانا هعمل ايه
شغلي كده
مقدرش ارفض واعترض
مقدرش اقول مبحبهوش
هاكل منين
وامي الكبيره المتعبه
كانت زمان بتقولي عيب
ومتكشفيش رجلك لعين
لكن خلاص الجوع قتلها وهديها
كرامتها فصلت في الطريق
مبقتش تسال او تقول
مبقتش حتى تبصلي
وسلامنا اصبح من بعيد
وعينيها خايفه تبصلي
وكأنها مش عارفه ايه اللي وصلتله
وعذرتها
لكن انا حدش عذرني ليه بقى
بطلت اضحك وابتسم
بطلت احسن ابوظه
مكياجي الأسود الرخيص
وكريمي قرب ينتهي
معرفش هقدر اجيبه تاني
ولا المرتب اتنسف
ساعتها يعني هعمل ايه
هبقى استلف
انا اسفه اني تعبتكم
صدعتكم
بحكاية ملهاش اي معنى او هدف

==========================


رسمتيها حلو جدا يا رشا وبصيتي للصوره من الناحيه التانيه مش الوش الملون والجيبه القصيره لكن اللي قبل ما يتلون الوش وقبل ما الجيبه تتلبس البني ادمه اللي في بيتها وحياتها انسانه بتحلم وبتفكر

بجد تحياتي وربنا يوفقك بقى
يارب الحق الكتاب قبل ما اطلع معاش

سلاااااااااااااااااااااااام
اخوكي ايهاب
‏قال هيّ
جوهرى...ايوة!

مياسى...خالص!


ايهاب..اللى انت كاتبة احلى من القصة :)
‏قال Dalal
أبدعت في الوصف ..
ما أصعب حياة الميتين الأحياء ..وما أكثرهم !!


سلمت أستاذة رشا ..

كوني بخير دائما ..
‏قال هيّ
شكراً دلال على قراءتك وتحليلك...صدقتى...هما كتير اوى...واحياناً بحس ان كلنا عندنا حتة كده...الاحساس اهم سمة للإنسانية...صح؟

مع خالص تقديرى :)
‏قال Info Pak
hey nice blog how r u all plaese follow my blog and want to link exchange i will wnt to all my sweet blogger friends visit www.funterbox.blogspot.com
‏قال candy
انا جيت بس اقولك أن امبارح كان فى سهرة أدبية على شرف القصة العُشارية بتاعت ماما سكسى

بجد أفكارك تعاش وتناقش وتترك أثرا رائعا.

شكرا لقلمك
وفى انتظار المزيد دائما :))
‏قال هيّ
candy
انتى بتتكلمى بجد؟
طيب احكيلى مين وفين وقولتوا ايه :)

كلامك اسعدنى وشرفنى...بجد شكراً :)
دردشة صوتية فوكس عرب شات صوتي

http://www.teraaa.com

دردشة صوتية سعودية ، فوكس عرب ، شات صوتي عرب فوكس ، فوكس الجديد ، شات صوتي سعودي ، اقوى دردشة صوتية شات عرب فوكس الصوتي
‏قال Ehab
نداء عاجل
يا ولاد الحلال بندور على كتاب هيتنشر ومش لاقيينه
ولا شفنا الكتاب ولا شفنا الحفله شكلنا كده هنستنى كتير ولا هنستنى الرئيس الجديد يحضر الحفله بتاعة التوقيع يعني
اعتبريني انا رئيس على ما تفرج ونزليه بقى

سلاااااااااااااااااااااااااام
كل سنه وانتي طيبه
‏قال هيّ
يا ايهاب كل سنة وانت طيب :)
الكتاب فى الشروق ، كتب خان ، عمر بوك ستور ، ليلى ، نفرو ، البلد، بوك سبوت.
الحفلة بعد العيد ان شاء الله
يا رب اشوفك رئيس...شركة :))
‏قال Ehab
بقى الكتاب نزل وانا معرفش افهم بقى ازاي الكلام ده
عموما نتحاسب بعدين انا ان شاء الله هشتريه اول لما انزل وسط البلد
معرفتيش تحطيه في كارفور هنا جنبي
ما علينا نتعب شويه وننزل نجيبه لأنه اكيد يستاهل
الف الف مبروك على نزول الكتاب وعقبال الطبعه التانيه كمان

سلااااااااااااااااااام

المشاركات الشائعة