بجوار الموقد
أتذكر الآن أيام صباى بالأسكندرية...لم أكن أفضل حالاً بل كنت أسوأ...شعرى الأشعث الذى لم ينجو أبداً من هواء البحر ورطوبته، معاملة أهلى السيئة والسجحات التى تسببت فيها أختى الكبيرة ، سخرية خالتى التى ربتنى من لونى الأسمر وإختلافى عن أخواتى الشقراوات.
هربت منهم منذ أن وقعت عينى عليه وأنجبت منه ثلاثة أطفال بيض الملامح مثله...لبنانبون مثله...وهاجرت بلدى الى بلده...ولسانى تحدث بلسانه ، لذا...أحارب الآن معه.
" ماما، أنا بِردان...دخيلك إعمُلى شى"
لو فقط يهدأ القصف قليلاً فتعود الكهرباء ويعود الدفْ الى بيتنا...أبغض جارتى أم وائل وأبغض تهكمها على وهى تقول: " المصرية بيطلع معها شى؟؟"
" إيه يا إم وائل...بيطلع معى إحمى ولادى...المصرية ما بتغلب!"
سأحميهم نعم...أعرف أن القصف شديد الآن ولا أستطيع الركض بأولادى الى المخبأ...البيت ليس آمناً أيضاً فالشظايا تحطم النوافذ والجدران ، لذا أختبأ وأولادى بالحمام...بارد هو جداً فأطراف الأولاد تكاد أن تتجمد... ولكنه آمن...فهو بعيد عن النوافذ والشظايا ولن يطالنا صاروخ هنا...إلا إذا كان صاروخ كبير يدمر البناية...ساعتها...ساعتها تكون ساعتنا قد حلت.
" إمى ، بطنى بتحرُق"
" محمد، بدك يروح هالإسهال وبطنك تشفى؟ بكفى بِكِى حبيبى"
"إيه يا إمى...خييى بدو بطِل بِكِى وإسهال كمان...والله اتعمينا وإختنقنا"
"بنتحمل عمر...مافى مَىِ وما فى آمان بالصالون وخيك مريض يا زلمِه"
"إمى...بتحمل"
" إمى...جوعانه"
"إيه رولا...بروح جيبلِك عروس...جبن ولا لبنِه؟
" جبن"
"محمد، عمر...بدكن عروس"
"إيه إمى" "إيه إمى"
ما كنت أتخيل يوماً أن أحبو على يداى وبطنى لأصنع لأطفالى شطائر الجبن...أخاف من القصف رغم إعتيادى عليه...إعتدت عليه كما إعتدت غياب زوجى بالأيام وخوفى عليه من رصاصات العدو...إعتدت الحرب والموت والدماء...يا ليتنى لم أرحل عن بيت أهل زوجى...كانوا يرعون الأولاد بينما أساعد بعض الوقت بالصليب الأحمر...لن أنسى يوم ضمدت جراح وائل جارنا...الطفل كان يقترب من الثالثة عشر وقد ظن نفسه رجلاً عتياً وأمسك ببندقية...كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة هذا الأحمق...لن أنسى همسه :" بدى أوِص هالصهيونى يللى حرق بيت جدى"
الخبز تيبس تماماً...سأسخنه قليلاً...الموقد يدفىء يدى...آه...الأولاد....
"يا عمر، يا ولاد...تعا.. تعو لهون"
سأبقى الموقد مشتعلاً بعض الوقت...سنجلس بالمطبخ حيث الدفىء...بجوار الموقد سأحمى أولادى... بعيداً عن النوافذ وشظايا الصواريخ...وإذا حطم جدارنا صاروخ كبير...ساعتها...ستكون ساعتنا قد حلت...أما الآن فأطفالى بخير يأكلون الجبن وينعمون بالدفء...بجوار الموقد.
هربت منهم منذ أن وقعت عينى عليه وأنجبت منه ثلاثة أطفال بيض الملامح مثله...لبنانبون مثله...وهاجرت بلدى الى بلده...ولسانى تحدث بلسانه ، لذا...أحارب الآن معه.
" ماما، أنا بِردان...دخيلك إعمُلى شى"
لو فقط يهدأ القصف قليلاً فتعود الكهرباء ويعود الدفْ الى بيتنا...أبغض جارتى أم وائل وأبغض تهكمها على وهى تقول: " المصرية بيطلع معها شى؟؟"
" إيه يا إم وائل...بيطلع معى إحمى ولادى...المصرية ما بتغلب!"
سأحميهم نعم...أعرف أن القصف شديد الآن ولا أستطيع الركض بأولادى الى المخبأ...البيت ليس آمناً أيضاً فالشظايا تحطم النوافذ والجدران ، لذا أختبأ وأولادى بالحمام...بارد هو جداً فأطراف الأولاد تكاد أن تتجمد... ولكنه آمن...فهو بعيد عن النوافذ والشظايا ولن يطالنا صاروخ هنا...إلا إذا كان صاروخ كبير يدمر البناية...ساعتها...ساعتها تكون ساعتنا قد حلت.
" إمى ، بطنى بتحرُق"
" محمد، بدك يروح هالإسهال وبطنك تشفى؟ بكفى بِكِى حبيبى"
"إيه يا إمى...خييى بدو بطِل بِكِى وإسهال كمان...والله اتعمينا وإختنقنا"
"بنتحمل عمر...مافى مَىِ وما فى آمان بالصالون وخيك مريض يا زلمِه"
"إمى...بتحمل"
" إمى...جوعانه"
"إيه رولا...بروح جيبلِك عروس...جبن ولا لبنِه؟
" جبن"
"محمد، عمر...بدكن عروس"
"إيه إمى" "إيه إمى"
ما كنت أتخيل يوماً أن أحبو على يداى وبطنى لأصنع لأطفالى شطائر الجبن...أخاف من القصف رغم إعتيادى عليه...إعتدت عليه كما إعتدت غياب زوجى بالأيام وخوفى عليه من رصاصات العدو...إعتدت الحرب والموت والدماء...يا ليتنى لم أرحل عن بيت أهل زوجى...كانوا يرعون الأولاد بينما أساعد بعض الوقت بالصليب الأحمر...لن أنسى يوم ضمدت جراح وائل جارنا...الطفل كان يقترب من الثالثة عشر وقد ظن نفسه رجلاً عتياً وأمسك ببندقية...كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة هذا الأحمق...لن أنسى همسه :" بدى أوِص هالصهيونى يللى حرق بيت جدى"
الخبز تيبس تماماً...سأسخنه قليلاً...الموقد يدفىء يدى...آه...الأولاد....
"يا عمر، يا ولاد...تعا.. تعو لهون"
سأبقى الموقد مشتعلاً بعض الوقت...سنجلس بالمطبخ حيث الدفىء...بجوار الموقد سأحمى أولادى... بعيداً عن النوافذ وشظايا الصواريخ...وإذا حطم جدارنا صاروخ كبير...ساعتها...ستكون ساعتنا قد حلت...أما الآن فأطفالى بخير يأكلون الجبن وينعمون بالدفء...بجوار الموقد.
تعليقات
مش عارف ألاقيلها ترجمة عربي
كاني كنت قاعده معاهم
شعرت بخوفهم ودفى اللى قاعدين فيه
يارب ثبت قلوبهم في كل مكان وازح الغمه دي
جميله يا رشا
وبرضه لتالت مره بكررها
لازم كتااااااااااااب
تسلمي حبيبتي على احساسك العالي
واتقانك للتفاصيل النفسية
لكأنما تضعيننا في نفس اللحظة لنشعر بما يشعر به الأبطال
وهذا بالغ الأثر
ذكرتني قصتك بأجواء "بريد بيروت"و" حكاية زهرة"
شئ يشبه اليقين بأن الفن جميعه ينبثق من نقطة واحدة
ينبوع لا يعرفه سوى الوعول التي لا تكف عن التقافز بين الوديان.
أتمنى لك عاما سعيدا
مليئا بذلك التبصر الرائع
تحياتي
حلوة ممررة؟؟
:)
يا لماضة يا جميلة شكراً :)
اناباختبر موضوع الكتاب ده لو لقيت فعلاً المستوى بتاع القصص يليق احترافياً حاعملها...
آمين
مين مؤلف الكتب الروايات دى علشان اقراهم...للأسف ما بقراش عربى الا لعدد قليل جداً من الكتاب على راسهم محمد عبد الحليم عبد الله...والباقى انجليزى...فلا بقيت هايلة فى العربى ولا هايلة فى الإنجليزى.
انا كمان بتمنالك السعادة :)
تسلم ايدك ودماغك
بفتكر الغنية بتاعة على الحجار اول ما بقرأ إسمك :)
نورت يا فندم
يقوم يقع في اتون حرب حقيقيه
القصه حلوه علشان هي بتقول ان مفيش حته مفيهاش تعب ومفيش حته مفيهاش ناس مبتتريقش
حتى اللي هربت للحرب ورمت نفسها في وسط حرب زي دي مبتسلمش من سخرية الجاره الغبيه
بجد عجباني قوي الأفكار الصغيره اللي في قصصك
سلااااااااااااااام
شكراً ليكى على قراءتك وتشجيعك :)
شنكوتى :)
ما هى الافكار الصغننة دى....
:)
الله يكرمك :)
زي لما احكي ليكي قصه من عشرين كلمه بس وبعد ما اخلصها تلاقي نفسك عرفتي نصايح تكفي كتب
اني ملا احكيلك قصه من عشرين كلمه بس
تلاقي نفسك سرحتي في مليون حكايه وموقف
قصتك بقى او قصصك عامة بيغلب عليها الطابع ده قصه مش طويله ولا حاجه ومع ذلك مليون فكره ببقى عايز اقولهالك عنها
بجد انتي فزيعه
ومن هذا المزنق احب اشكر خالتي وعمتي والجيران وجميع الأقارب في راس البر
وبالمره اوبليفيا علشان بسبب دخولي عندها وصلت لحد هنا
سلااااااااااااااااااام